لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

الوصفات العلاجية الشعبية



منذ فجر التاريخ والإنسان يحاول أن يعالج أمراضه وآلامه باستخدام الوصفات الطبية الشعبية. وقد استطاع أن يكتشف العديد من النباتات التي مكنته من أن يستخلص منها عناصر علاجية شديدة المفعول. وقد توارثت المجتمعات الوصفات الطبية الشعبية وطرائقها التقليدية بحثا عن الشفاء، ولبعض هذه الأساليب جذور عميقة تعود إلى حضارات قديمة قدم التاريخ مثل الحضارة الفرعونية واليونانية وما بين النهرين والهندية وغيرها والعربية. ومع بداية ظهور الإسلام وتوسعه ظهر للوجود العديد من العلماء الذين اشتهروا في ميدان الطبابة باستخدام الأعشاب والعقاقير المتوفرة في الطبيعة. ولعل من أبرز هؤلاء الأنطاكي وابن سينا والرازي وابن ميمون والبيروني والزهراوي وابن البيطار ومن النساء أميمة بنت قيس العفرية  وأم سليم وأم أيمن وأم عطية الأنصارية ونسيبة بنت كعب المارونية وغيرهم…

          ويعتقد محمد الجوهري (1) أن الطب الشعبي من أكثر المجالات التي لها صلة وثيقة بالتراث الشعبي للمجتمع وأن هناك تداخلا وتفاعلا متبادلا بين مختلف ميادين المعتقدات الشعبية من ناحية وبينها وبين الميادين الأخرى من ناحية أخرى.ويعتبر هذا التداخل خاصية مميزة للثقافة الشعبية.

          إن العديد من الوصفات الطبية الشعبية المجربة لزمن طويل قد تكون ذات تأثير علاجي نافع خاصة إذا عرفنا أن الكثير من الأدوية مشتقة من نباتات طبية. هذا بالاضافة إلى قلة تكلفة هذه الوصفات الأمر الذي يجعلها سهلة التداول والانتشار بين أفراد المجتمع (2). ولقد ازداد اهتمام المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية بالطب الشعبي وكرست الجهود في بعض الدول النامية لدراسة وتقويم الممارسات العلاجية الشعبية في مداواة الأمراض ومن ثمة تحديد فعاليتها. ويعتقد ديفيد ورنر (3) أن بعض الوصفات الطبية الشعبية لها تأثير مباشر على الجسم يساعد على الشفاء والبعض الآخر يؤثر بمجرد اعتقاد الأفراد بفائدتها (الجانب النفسي). إن اعتقاد الأفراد بفعالية وصفة ما قد يفيد في علاج بعض الأمراض العضوية.

          أما منظمة الصحة العالمية (4) فإنها تشير إلى أن بعض الممارسات العلاجية التقليدية التي تستخدم في علاج الأمراض لها فوائد مؤكدة ومن ثمة يجب تشجيعها على الممارسة والبعض الآخر إما عديم الفائدة أو ضار ولذلك ينبغي تفاديه..

          ومع ازدياد النضج الصحي والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي برزت إلى الوجود في المجتمع الجزائري خاصة الانخفاض النسبي الملحوظ في الأمية والتحسن الملموس في الخدمات الصحية ساعد ذلك على تراجع وانحسار استخدام العلاج الشعبي. وهذا لا يعني اختفاء هذا النمط من العلاج. فقد أثبتت الدراسات التي أجريناها في المجتمع الجزائري (الغرب الجزائري). أن هناك العديد من الأمهات اللائي مازلن يعتقدن في أهمية الوصفات العلاجية الشعبية في علاج بعض الأمراض.

          ففي دراسة قمنا بها عن العادات الغذائية (العادات الشعبية) للأمهات الحوامل والمرضعات في الغرب الجزائري لاحظنا أن حوالي 51 % من الأمهات يتناولن أكلة (تاقنة) أو (البسيسة) أو (الزميت). وللإشارة فإن هذه المسميات تختلف باختلاف جهات الغرب الجزائري. وهذه الأكلة (تتكون من السميد والسكر والدهن والتوابل وبعض الأعشاب) وهذه خاصة بالنفساء بالإضافة إلى أكلة أخرى يطلق عليها في بعض المناطق (بركوكس) (تتكون من طعام محضر وخليط من الأعشاب) يقدم بحسب ظروف كل عائلة.

          وهذا لاعتقادهن أن مثل هذه الأطعمة الشعبية تساعد على تنظيف الرحم من الدم والتخلص من بقايا المشيمه. وكذلك الزيادة في أدرار الحليب . وفي دراسة أخرى وجدنا أن بعض الأمهات يعتقدن بأن تناول السمك (خاصة سمك الهامور) والمكسرات يساعد على زيادة القدرة الجنسية للرجل (المناطق الساحلية للغرب الجزائري). وقد تبين أن هذه الاعتقادات منتشرة بين الفئات المتعلمة وغير المتعلمة على السواء. والحقيقة أن هذه المعتقدات الشعبية مغروسة في أعماق النفس الإنسانية وهي موجودة عند مختلف الطبقات الاجتماعية وبدرجات متفاوتة (5).

          وناذرا ما تخضع الدراسات الجادة لقياس أو معرفة أو تقويم الممارسات الشعبية التقليدية المرتبطة بعلاج الأمراض في المجتمعات النامية (6).  ولعلنا لا نكون مبالغين إذا قلنا أن هذه الدراسة تعتبر إضافة جديدة في مجال التراث الشعبي في المجتمع الجزائري حيث تهدف إلى وصف المعتقدات والممارسات الشعبية المتعلقة بعلاج الأمراض المنتشرة في المجتمع الجزائري ومحاولة تتبع جذورها وتقويم فوائدها العلاجية كلما أمكن كذلك.

منهجية الدراسة :

          يحدد محمد الجوهري (7) منهجية الدراسة بقوله : ان هناك منهجين لدراسة الطب الشعبي. المنهج الأول يعتمد على تدوين مجموعة من العقاقير والنباتات السائدة في المجتمع ثم السؤال عن الأمراض التي يفيد فيها استخدام هذه النباتات؟ أما المنهج الثاني فيعتمد على السؤال عن كيفية علاج بعض الأمراض باستخدام الوسائل التقليدية؟ ومع ذلك فقد اعتمدنا المنهج الثاني في دراستنا هذه حيث قمنا بتدوين مجموعة من الأمراض المنتشرة في الجزائر (الغرب الجزائري) ومن ثمة طلب من الأمهات ذكر النباتات أو الأغذية المستعملة في علاج هذه الأمراض ، حيث تم التركيز على الأمراض ذات الأعراض البسيطة والتي يمكن التحكم فيها وتشخيصها بسهولة (نسبيا). ومنها أوجاع الرأس ، أوجاع البطن ، اللوزتان ، ألام الأذن ، ألام الأسنان ، التهابات اللثة ، الدمامل ، الحروق …الخ.

          ثم بعد ذلك اتبعنا المنهج الوصفي في هذه الدراسة منهج يعتمد على وصف الممارسات العلاجية الشعبية التي تستخدم فيها النبتات والأغذية لعلاج الأمراض واستثنينا الممارسات العلاجية التقليدية في الطبابة مثل العلاج بالكي والحجامة وغيرهما وذلك نظرا لتركيزنا واهتمامنا بالميدان المتعلق بالعقاقير والنباتات العلاجية.

          فقد تم اختيار عينة تتكون من 250 عائلة من مختلف مناطق الغرب الجزائري ، وأخذت العينة بكيفية عشوائية بسيطة مع استخدام التقسيم التناسبي بحيث يكون عدد الأسر يتناسب مع العدد الكلي للأسر في كل منطقة اعتمادا في اختيار العينة على إحصائيات السكان الصادرة عن الهيئات المعنية (8)  .ثم تم جمع المعلومات عن طريق مقابلة الأمهات في منازلهن وفي الأسواق الأسبوعية ثم تدوين إجابتهن في مطبوعات إستبيانية مخصصة لهذا الهدف.

تحليل النتائج :

1- آلام الرأس والصداع :

          يوضح الجدول رقم (01) النباتات والأغذية المستعملة في علاج آلام الرأس والصداع  حيث لاحظنا من خلال هذا الجدول أن الليمون والعسل هما أكثر الأغذية استخداما لعلاج آلام الرأس واللوزتان (12.4%  و 11.2 % على التوالي) حيث يحتوي الليمون على مواد مضادة وحيوية تؤدي بالشخص إلى  التعود عليها عند تكرارها من ناحية أخرى فقد وجدنا أن نسبة   3.6 % من الأمهات ذكرن اختضاب الرأس بالحناء (الحنة) كعلاج لآلام الرأس وهذه في الحقيقة وصفة علاجية ومزينة قديمة استخدمت كثيرا عند العرب القدماء كما ورد ذكرها في كتاب الطب النبوي لابن القيم الجوزية (9)  .

          وتعتقد بعض الأمهات أن سبب الصداع هو ناتج عن اضطرابات هضمية لذلك نجدهن يستخدمن شراب نقيع بعض النباتات العلاجية (الكمون ، البسباس ، حبة حلاوة). لطرد الفضلات من الجهاز الهضمي ومنه يتم تخفيف آلام الرأس ، وبصفة شاملة فإن بعض الاضطرابات الهضمية قد تسبب الصداع ومنه الإمساك. وإن التخلص من هذه الاضطرابات كثيرا ما يؤدي إلى زوال الصداع.

 

2- آلام البطن:  

 

          تعود أسباب آلام البطن لعوامل كثيرة يصعب حصرها في هذه الدراسة. ذلك أن منطقة البطن عادة ما تحتوي على العديد من الأعضاء مثل المعدة ، الأمعاء ، البنكرياس ، الكبد           والصفراء. وان أي التهاب أو اضطراب على مستوى أحد هذه الأعضاء قد يسبب آلاما في كافة منطقة البطن، لذلك فإنه من الصعب تحديد مصدر آلام البطن بهذه البساطة. غير أن الاضطرابات الهضمية الناتجة عن الإكثار أو عدم الانتظام في تناول الطعام والتلوث الميكروبي للطعام من أكثر العوامل المؤدية إلى آلام البطن في المعدة والأمعاء. ومن خلال الجدول رقم (02) نلاحظ أن خليط الماء والسكر وكذلك مغلي الكمون من أكثر الوصفات العلاجية الشعبية استخداما في علاج آلام البطن (23.6 % ). وقد ورد ذكر هذه الوصفة في كتاب القانون في الطب لابن سينا (10). حيث قال أن في استخدام السكر معونة على القيء ويسهل. وتعود فكرة استخدام السكر مع الماء في علاج آلام البطن بأن التركيز العالي للسكر يساعد على القضاء على بعض الجراثيم نتيجة الخاصية الإسموزية وبالتالي تخفيف الآلام إذا كان ناتجا عن التلوث بالجراثيم. ويعلق ديفيد ورنر (11) على هذا بقوله : إن الوصفات المنزلية والتي تستخدم المشروبات المحلاة بالسكر لعلاج الآلام الناتجة عن الإسهال أشد تأثيرا وأقل خطرا من معظم الأدوية الحديثة.

          وتستخدم نسبة 17.2 % من الأمهات الزعتر (الصعتر) في علاج آلام البطن. وقد ورد ذكر الزعتر في علاج العديد من الأمراض في كتب الطب القديمة. ومنها ما ذكره ابن سينا (12)  على أن الزعتر ينفع في علاج الكبد والمعدة. ويقول التركماني في كتابه المعتمد في الأدوية المفردة (13). أن الصعتر طارد للرياح وهاضم للطعام الغليظ ويذهب بالأمغاص ويضيف احمد قدامة (14). أن الصعتر من التوابل التي لها رائحة عطرية وطعم حار وقد عرف منذ القدم كدواء لعسر الهضم. ونلاحظ من خلال الجدول رقم (02) أن نسبة لا بأس بها من الأمهات ( 11.6 %) تستخدم المرقدوش (المرددوش) لعلاج آلام البطن ، وهو عبارة عن نبات عشبي صعتري يعرف في بعض مناطق شمال إفريقيا (بالمردقوش والبردقوش) والاسم من أصل فارسي ، ويعرف في بلاد الشام (بالمرو). كما أنه وصف في الطب القديم على أنه مقو للمعدة وطارد للرياح ويعتقد أنه يسهل من الهضم (15). وتبين إحدى كتب الأعشاب العلاجية الحديثة (16) أن المردقوش (الصعتر) يفيد في آلام البطن. وللتخفيف من هذه الآلام الناتجة عن سوء الهضم تفضل بعض الأمهات استخدام الكمون لعلاج أوجاع البطن وقد يعود ذلك إلى نفس الاعتقاد السابق ذكره وهو أن تناول الملينات مثل الكمون وحبة حلاوة (الأنيسيون) يساعد على طرد الفضلات من الجسم وبالتالي تخفيف آلام البطن.

 

3- الإسهال :

 

          يعتبر الإسهال من أكثر الاضطرابات الهضمية التي تحدث للأفراد وخاصة الأطفال وتعود أسبابه عادة إلى تناول أغذية أو مياه ملوثة بالجراثيم أو التحضير غير الصحي للطعام. وتبين لنا النتائج المسجلة من خلال الجدول رقم (03) أن نسبة 26 % من الأمهات يعتقدن أن تناول الموز مفيد في علاج الإسهال. وقد ورد ذكر الموز في بعض كتب الطب القديمة فقد ذكر القيراوني (17) أن الموز يثقل المعدة. في حين ذكر التركماني (18) وابن سينا (19) بأن الإكثار من أكل الموز يولد السدد وهو مثقل على المعدة.

          وتنبع فكرة هذا الاعتقاد من أن الأغذية ذات اللزوجة العالية مثل الموز واللبن الزبادي (الرايب) تزيد من صلابة البراز وبالتالي تخفف من حدة الإسهال. والحقيقة أن هذه الأغذية سهلة الهضم بحيث ينصح تناولها عند الإصابة بالإسهال.

          وقد لاحظنا من خلال متابعتنا لهذه الدراسة أن معظم الأغذية والنباتات التي ذكرتها الأمهات كعلاج للإسهال تتناول بشكل سائل مثل الشاي وماء النشا (نقيع) ولا تعتبر هذه الوصفات العلاجية ضارة بل غالبا ما تكون مفيدة لأن أهم أسس علاج الإسهال هو الإكثار من تناول السوائل لتعويض المفقود منها.

 

4- الإمساك :

 

          الإمساك من الأعراض المرضية التي ازدادت انتشارا في السنوات الأخيرة في المجتمع الجزائري ، وهو غالبا ما يحدث نتيجة قلة تناول الأغذية التي تحتوي على نسبة عالية من الألياف مثل الخضروات والفواكه وقلة الحركة والخمول وقلة تناول السوائل ونقص في ممارسة النشاطات الرياضية ، ومن خلال تحليلنا للجدول رقم (04) تبين أن السنامكي  هو أكثر الوصفات الطبية الشعبية استخداما لعلاج الإمساك ( 41.2 % ) ويعود سبب استخدام نبات السنامكي لخاصيته الملينة لأن من أعراض الإمساك قلة التبرز وصلابة البراز ، وتناول الملينات مثل السنامكي ، فإنه يمكن زيادة عدد مرات التبرز وليونة البراز ، وتعتبر هذه الوسيلة مؤقتة لأنها لا تعالج السبب أو العوامل الرئيسية للامساك. أما الوصفات الأخرى التي ذكرتها الأمهات فهي مفيدة مثل تناول عصير البرتقال والماء المحلى بالسكر وحساء الخضروات وعصير الطماطم وعصير الليمون مع زيت الزيتون وشراب القهوة المرة واللبن الزبادي (الرايب). وقد وجدنا أن نسبة ( 6.8 % ) من الأمهات قد ذكرن بأنهن يستخدمن تمر الهند (الصبار) كعلاج للامساك وقد وصف تمر الهند في الطب القديم والحديث بأنه مفيد في علاج الإمساك (القبض) وهو ملين ومرطب (20).

 

5- آلام المفاصل :

 

          من أهم الوصفات العلاجية الشعبية المستخدمة في علاج آلام المفاصل هي وضع التمر على مكان الآلام ، وكذلك الطباق (ماقرمان). فقد ذكرت (26.4) من الأمهات ذلك. ثم يأتي بعد ذلك تدليك المفاصل بالدهن أو زيت الزيتون (06 % ) كما هو مبين في الجدول رقم (05).

          وهناك اعتقاد راسخ لدى بعض الأفراد مفاده أن تناول حساء الكوارع يساعد على التخلص من آلام المفاصل ويطلق على هذا النوع من الاعتقاد (عقيدة التوقيع             Doctorine de Signature ) والتي تتخلص في أن لكل نبات أو غذاء علامات أو رموز تدل على نوعية استعماله من الأمراض التي يمكن أن يشفيها. فالنبات الذي له أزهار صفراء يمكن أن يشفي مرض الصفراء (21).

          وفي هذا الإطار يقول ديفيد ورنر (22)  بأنه كلما شابهت الوصفة العلاجية الشعبية المرض كان سبب فعاليتها هو الإيمان بها (الجانب النفسي). وهذا الاعتقاد لا يقتصر على المجتمع الجزائري بل يتعداه إلى باقي المجتمعات الأخرى سواء عربية أو غربية على أن تناول عصير الطماطم واللبن الزبادي (الرايب) وشرب القهوة المرة وشرب خليط العسل والليمون على الريق يقضي تماما على آلام المفاصل ويفيد في زيادة الدم لكونه يتلاءم مع لون العصير ولزوجته مما يجعله مشابها للدم (23).

6- الزكام والأنفلونزا :

          تتميز أمراض البرد والأنفلونزا بتكرار حدوثها لنفس الشخص في السنة الواحدة وهذا يرجع سببه لانعدام دواء فعال يقضي على هذه الأمراض (الزكام والأنفلونزا) لذلك فإن معظم الأدوية التي تعطي هي مسكنة للألم لا غير. وعادة ما يأخذ المرض دورته التي تستمر لعدة أيام أو أسابيع ثم يشفي المريض منه ولكنه يبقى عرضة للإصابة في أية لحظة. ومن خلال تتبعنا للجدول رقم (06) ان نسبة (15.6 % ) من الأمهات يتناولن عصير البرتقال بكثرة لعلاج الزكام والأنفلونزا. وهذه الطريقة لها بعض الفوائد الصحية بحيث أن عصير البرتقال يحتوي على كمية من فيتامين ( ج . C ) الذي ظهر أنه يساعد على تقوية جهاز المناعة في الجسم.

          ونفس الجدول يبين لنا أن هناك تركيزا على استخدام النباتات والأغذية التي تحتوي على رائحة نفاذة مثل البطيخ والبصل واستنشاق السكر المحروق. وقد يعود ذلك إلى أن من أعراض نزلات البرد انسداد فتحات الأنف مع صعوبة التنفس منه وبالتالي التأثير على حاسة الشم. لذلك فإن استخدام بعض النباتات التي تحتوي على روائح نفاذة قد تساعد على تخفيف هذه الآلام. وقد ورد ذكر استخدام البصل كعلاج للزكام والتهاب الرئة في الطب الشعبي القديم (24).

 

7- آلام اللوزتين :

 

          يعتبر قشر الرمان من أكثر الوصفات العلاجية الشعبية إضافة إلى العسل وعصير الليمون التي ذكرتها الأمهات في علاج آلام اللوزتين فقد أفادت نسبة (20.4 % ) من الأمهات بذلك. كما هو مبين في الجدول رقم (07) وتحضر الطريقة بأن يجفف قشر الرمان ثم يطحن حتى يصبح مسحوقا ناعما ثم توضع كمية منه على أحد أصابع اليد ويدخل في جوف المريض حيث يوضع المسحوق على اللوزتين. وأما عصير الليمون مخلوطا بالعسل فيؤخذ على الريق صباحا بمقدار ملعقة صغيرة على أن يمضمض داخل فيه لبعض الثوان ثم يبلع مع الامتناع عن الأكل والشرب بعده لمدة نصف ساعة على الأقل. وفي هذا الإطار فقد أشار ابن القيم الجوزية (25) على أن الرمان نافع للحلق والصدر والرئة (غير أنه لم يحدد الجزء المستخدم من الرمان في العلاج). ثم يأتي استخدام الدهن الساخن بعد ذلك في علاج ألام اللوزتين حيث لوحظ أن بعض الأفراد يتناولون ملعقة صغيرة من الدهن البلدي بعد تدفئتها مع تحضير كمادات على مكان الإصابة لعلاج اللوزتين ، ومنهم من يتناول مزيج زيت الزيتون والسكر بعد تدفئته.

 

8- آلام الأذن :

 

          عادة ما تستخدم الأمهات زيت الزيتون ( 13.6 % ) والزعتر ( 12 % ) كأهم الوصفات العلاجية الشعبية لعلاج آلام الأذن. ويتم ذلك عن طريق قطر قطرات  من زيت الزيتون أو ماء الصعتر في الأذن وأحيانا يتم مزج زيت الزيتون مع زيت الخروع مع إضافة كمية من الفلفل الأسود المسحوق ويوضع المزيج داخل الأذن (26). وبالإضافة إلى ذلك فقد ذكرت الأمهات أنهن يستخدمن أحيانا القهوة والليمون والثوم في علاج الام الأذن كما هو مبين في الجدول رقم (08).

 

9- الام الأسنان :

 

          هناك أكثر من سبب لألام الأسنان ويعتبر التسوس من أهمها جميعا. ويلاحظ أن تسوس الأسنان أضحى منتشرا بين أوساط المجتمع بشكل كبير وخاصة بين فئة الأطفال (27)  ودراستنا هذه توضح لنا أن نسبة ( 40.8 % ) من الأمهات يستخدمن القرنفل (عود النوار) في علاج أوجاع الأسنان.

          ويعتبر القرنفل من أهم الوصفات الشعبية الأكثر استخداما في تسكين آلام الأسنان. وقد ورد ذكره في كتب الطب القديمة والحديثة على أنه يسكن آلام الأسنان ويشفي القروح (28) والجدول رقم (09) يوضح أن هناك وصفات أخرى لعلاج أوجاع الأسنان مثل الثوم والصعتر ومزيج الماء والملح وقشر الجوز (السواك) وقشور الرمان.

10- التهابات اللثة :

          الجدول رقم (10) يبين أن نسبة (14 % ) من الأمهات ذكرن بأن قشر الرمان وقشر الجوز (السواك) يستعمل في علاج التهابات اللثة. ونسبة (09 %) من الأمهات تستخدمن زيت الزيتون لعلاج هذا المرض. كما نجد أن نسبة ( 7.6 %) من الأمهات يستعملن مزيج الماء الدافئ والملح. وقد يكون هذا العلاج ذو فائدة ، حيث أن الملح يعتبر من العقاقير المطهرة والتي تساعد على قتل الجراثيم. وقد ذكر التركماني (29): أن الملح يمنع القروح الخبيثة ويفيد في قطع الدم المنبعث من نزع الضرس.

11- الدمامل :

          الدمامل من الالتهابات الجلدية التي تحدث نتيجة عدوى ميكروبية في الجلد وتتميز بظهور خواريج على سطح الجلد تكون مملوءة بالصديد وهو عبارة عن إفرازات الميكروبات. ونلاحظ من خلال الجدول رقم (11) أن نسبة ( 25 %) من الأمهات يستخدمن علك اللبان كعلاج للدمامل. وعلك اللبان معروف وهو عبارة عن مادة صمغية غالبا ما تكون إفرازا لإحدى النباتات تستعمل كعلكة إضافة إلى استخدامه في البخور لطرد الشياطين.

وقد أشار إلى ذلك ابن القيم الجوزية (30) بقوله : أن اللبان (لم يحدد نوع اللبان) ينبت اللحم في سائر القروح الخبيثة من الانتشار. ومن العقاقير المستخدمة في علاج الدمامل حب العصفر (حبوب صغيرة سوداء اللون يعتقد أنها بذور لنبات الخردل الأسود) بحيث تقوم الأمهات بدق هذه الحبوب لتخرج منها مواد صمغية تلصق في قرطاس ثم تلزق على الدمل. وقد ذكرت إحدى الكتب الحديثة في طب الأعشاب (31) أن بذور الخردل الأسود تحتوي على زيوت طيارة نفاذة. وعندما توضع على الجلد فإنها تهيجه وزيادة على ذلك يضيف احمد قدامة (32) قوله : أن زيت بذور الخردل الأسود يستخدم في تخذير أعصاب الجلد لإزالة الشعور بالآلم ، كما يستخدم مسحوق الخردل كلزقة لتخفيف احتقان الدم. وقد ذكر التركماني (33) : أن الخردل يستخدم في علاج بعض الأمراض الجلدية.

12- الحروق :

          اتضح لنا من خلال الجدول رقم (12) أن نسبة ( 28.8 % ) من الأمهات يستخدمن من الحليب كعلاج للحروق ، ويتم ذلك بسكب الحليب على المنطقة المصابة. وفي هذه الحالة يعلق ديفيد ورنر (34) على استخدام الحليب في علاج الجروح بأنه غير مفيد وقد يسبب بعض الالتهابات الخطيرة. ونفس الجدول يبين أن نسبة ( 6.4 % ) من الأمهات يستخدمن الدهن كعلاج للحروق و ( 3.6 % ) يستخدمن عجينة الحناء أو مسحوق الصنوبر البحري (التايدة) مع الشحم وهذه الوصفات العلاجية الشعبية قد تم ذكرها في بعض كتب الطب القديم. وتحتوي الحناء على صبغات نباتية ومواد دهنية. وتستخدم عجينتها في علاج بعض الأمراض الجلدية كما تفيد في التئام الجروح لاحتوائها على مادة التانين القابضة ولتأثيرها المطهر (35).

13- آلام العين :

          يعتبر حليب الأم من أكثر الوصفات العلاجية الشعبية استخداما لعلاج التهابات العين عند الأطفال الرضع. وقد أدلت نسبة ( 11.6 % ) من الأمهات بأنهن يستخدمن هذه الوصفة كما هو مبين في الجدول رقم (13). وتتم هذه الطريقة بتقطير عين الطفل بقطرات من حليب الأم أو حليب إحدى السيدات المرضعات. ويطلق على هذه الطريقة (التقطيرة) أو (الطرقة).

          وقد أشار التركماني في كتابه المعتمد في الأدوية المفردة : على أن حليب الأم ينفع من الرمد والطرقة في العين (36). ومن الوصفات العلاجية الشعبية التي ذكرتها الأمهات استخدام ماء الورد والعسل كعلاج لالتهابات العين. وقد ورد ذكر ماء الورد في كتاب التركماني (37) حيث قال: أن ماء الورد يسكن آلام العين من الحرارة ، وينفع كثيرا من أدوائها تحجيرا به وكحلا وتقطيرا. أما العسل فقد ورد ذكره في العديد من الطب القديمة والحديثة. وقد ذكر ابن سينا في كتابه القانون في الطب (38) أن العسل يجلو البصر. كما ذكر بوريش في كتابه العلاج بعسل  النحل (39)  أن بعض الدراسات قد أثبتت نجاح استخدام العسل في علاج بعض أمراض العين      كما تبين أن استخدام المراهم التي يدخل في تركيبها العسل بالإضافة إلى مواد طبية أخرى قد نجحت في التئام بعض جروح والتهابات العين.

          وتت

الرابط المختصر: