“ماجستير” و”بكالورس” و”دبلوم”.. ثلاث شهادات وأَدَتْها البطالة في مَحجر

تلفزيون الفجر الجديد- "عماد سعاده- مدار للصحافة والاعلام" – تحت وطأة الغبار الكثيف المتطاير من منشار للحجر عند مدخل بلدة بيتا، جنوب شرق نابلس، يجهد ثلاثة عمال في قص مجموعة من الحجارة الثقيلة، لإخراجها باشكال مختلفة تمهيدا لتصديرها خارج الوطن.

هؤلاء العمال الثلاثة الذين غطى الغبار الابيض رؤوسهم وذقونهم كما الشيب، كان يمكن ان يكونوا اليوم خلف مكاتب او في مواقع عمل أكثر راحة لولا البطالة التي حرمتهم من الحصول على وظائف في مجال تخصصاتهم، خاصة وانهم يحملون الشهادات الجامعية، فدانيال يَمَك (36 عاما) يحمل شهادة الماجستير في الشريعة الاسلامية من جامعة النجاح الوطنية، وجواد سلامة (25 عاما) حاصل على شهادة بكالوريوس في هندسة الديكور من جامعة النجاح الوطنية، في حين أن هيثم دويكات (29 عاما) يحمل شهادة دبلوم هندسة ديكور من مركز مانستر للتدريب.

حسرة على سنوات قضوها في الجامعات

يتحسّر ثلاثتهم على تلك السنوات التي قضوها في الجامعات، وما تحملته عائلاتهم من مصاريف باهظة لتدريسهم، لينتهي بهم المطاف في منشار حجر يديره عبد الغافر يَمَك (30 عاما) والذي يقول عن نفسه أنه درس للصف العاشر فقط.

ويقول دانيال بأنه حصل على الماجستير في الشريعة الاسلامية منذ عام 2012، وقدم عدة طلبات للتربية والتعليم علّه يحصل على وظيفة، وتلقى عرضا للعمل في جامعة القدس المفتوحة، لكن الراتب كان زهيدا جدا، ولا يكفي لمصاريف عائلته، خاصة وانه متزوج ولديه اربعة ابناء احدهم يعاني من مرض التوحد، ويحتاج علاجه لمبالغ كبيرة سنويا.

ويضيف بأنه أمام هذا الواقع المرير، لم يكن امامه سوى العمل مع شقيقه عبد الغافر في منشار الحجر. ويؤكد دانيا أن حلمه ما زال باكمال دراسة الدكتوراه في ذات تخصصه (الشريعة)، وأنه لا بد وأن يأتي ذلك اليوم الذي يحقق فيه هذا الحلم.

راتب 800 شيكل فقط

أما جواد سلامة، فله حكاية اخرى، فبعد تخرجه من جامعة النجاح وحصوله على شهادة البكالوريوس في هندسة الديكور، تقدم للحصول على وظيفة لدى اكثر من جهة، وتكللت مساعيه بعد ستة شهور من البحث بالحصول على وظيفة لدى احدى الشركات في رام الله، لكن براتب 800 شيكل فقط.

وقال بانه اضطر للقبول بهذا الراتب الزهيد لانه لا خيارات اخرى أمامه، مشيرا الى انه كان عليه أن يدفع نصف الراتب بدل مواصلات.

ويشير جواد الى انه عمل في هذه الوظيفة لنحو سنة كاملة، من دون أية زيادة، لذا ما كان منه سوى أن طوى شهادته الجامعية في أحد الادراج، وبدأ رحلة البحث عن عمل الى أن انتهى به الحال للعمل في منشار الحجر هذا.

أما دويكات، فهو حاصل على شهادة الدبلوم العالي تخصص ديكور، وهو متزوج ولديه ابنتان. ويشير دويكات الى أنه عمل في هذا المكان خلال دراسته، حيث كان يعمل ويدرس في آن واحد، وبعد تخرجه، لم يتمكن من الحصول على وظيفة ما، ولم يكن أمامه سوى مواصلة العمل في هذا المكان.

ويؤكد كل من دويكات وسلامة انهما يتحينان الفرصة للبحث عن عمل جديد، ولكن هذه المرة خارج الوطن.

ويشير العمال الثلاثة الى أن هناك الآلاف من خريجي الجامعات الذي يعملون في مجالات غير تخصصاتهم، وذلك نظرا لارتفاع نسبة البطالة، ولصغر حجم السوق المحلي، وانعدام الوظائف، وبسبب ضخ الجامعات للآلاف الخريجين الجدد سنويا.

احصاءات ذات علاقة

وتشير احصاءات الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني الى أن نسبة البطالة في الاراضي الفلسطينية بلغت 25.9% عام 2015؛ (15% في الضفة الغربية) و(35.9% في قطاع غزة).

كما تشير الاحصاءات المستمدة من من قاعدة بيانات مسح التعليم للعام الدراسي الدراسي 2014/2015 لدى الجهاز المركزي للاحصاء الى أنه يوجد في فلسطين 15 جامعة و19 كلية جامعية، تقدم برامج تمنح شهادة البكالوريوس.

كما تشير ذات الاحصاءات الى ان عدد طلبة الجامعات والكليات الجامعية بلغ عام 2015/ 2016 ما مجموعه 204,745 طالبا وطالبة، وأن عدد الخريجين خلال 2014/2015 بلغ 39,672 خريجا وخريجة، يضاف الى ذلك 3,872 خريجا وخريجة من كليات المجتمع المتوسطة البالغ تعداد طلبتها 11,283 خريجا وخريجة.