رفض شعبي وصمت رسمي- أسرار مشاركة الرئيس عباس بجنازة بيريس
تقرير وكالة معا – رويدا رويدا تتكشف العديد من الخبايا الكامنة وراء مشاركة الرئيس محمود عباس في جنازة رئيس اسرائيل شمعون بيريس، وكيف جاءت الموافقة فجأة ظهر امس الخميس بعدما لم يكن أحد في المقاطعة برام الله يتوقع هذه الخطوة. فما الذي جرى ومن الذي اتصل بالرئيس عباس حتى قرر المشاركة؟
– مصادر مطلعة قالت لـ معا ان وفاة شمعون بيريس كانت في السابعة صباحا وان جميع المسؤولين الرسميين التزموا الصمت بانتظار وصول الرئيس لمكتبه والبت في طريقة التعامل مع الخبر. وبعد مشاورات سريعة اوصى الرئيس بنشر عزاء مقتضب في الوكالة الرسمية. فيما انشغل باقي المسؤولين في الاعلان ان الرئيس عباس لا يوجد لديه حساب على تويتر، بعدما نشرت مواقع اسرائيلية وعالمية نص مختلف للتعزية عبر خدمة تويتر.
– التقارير والاتصالات من جانب بعض الدول العربية لم تغير موقف الرئيس، وخصوصا ان المشارات العربية في الجنازة ظلّت مقتصرة على وزارات الخارجية ومستوى سفير، كما أن الرئيس السيسي لن يحضر والعاهل الاردني لن يحضر. ولكن الاتصال الهاتفي الذي وصل للرئيس من عائلة بيريس كانت نقطة فاصلة في القرار، فقد اتصلت العائلة ممثلة بنجل شمعون بيريس وهو بروفيسور ودعوا الرئيس للمشاركة في الجنازة كضيف للعائلة.
– حكومة نتانياهو لم تدع الرئيس ابو مازن للجنازة، كما انها طلبت ان تدرس الملفات الامنية للوفد المشارك، وهو الامر الذي استفز القيادة الفلسطينية واستفز عائلة بيريس وخصوصا حين قالت وسائل الاعلام الاسرائيلية ان الرئيس الفلسطيني سوف يصطحب معه عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد المدني وهو ممنوع من الدخول الى اسرائيل ولا يحمل تصريحا أمنيا للتنقل داخل الخط الاخضر.
– رافق الاعلان عن المشاركة غضب شعبي وفتحاوي، لا سيما وانه تزامن مع عقد المجلس الثوري لحركة فتح في مقر القيادة برام الله، وقد أعرب الفتحاويون عن غضبهم الكبير تجاه الاعلان عن هذه المشاركة، وتهامس قادة بارزون ان الامر سيضر بمستوى التأييد الشعبي للحركة وخصوصا وان فصائل اسلامية سوف تترك جميع ملفاتها وأشغالها وتشتغل في هذا الملف لتشويه صورة القيادة ما سيضر بحركة فتح على صعيد اعلامي وشعبي.
– اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي الليلة الماضية بجميع انواع الانتقادات والملامة والهجوم الاعلامي ضد المشاركة، بل ونبشت في تاريخ بيريس العسكري والامني باعتباره احد مجرمي الحروب ضد العرب وضد الفلسطينيين خاصة.
– رفض رئيس القائمة العربية في الكنيست ايمن عودة، المشاركة في الجنازة. لعب دورا هاما في تزايد الضغط على الموقف الرسمي. وكان انتصارا كبيرا لموقف الرافضين للمشاركة ما جعل الرئيس عباس وحيدا في هذه "المعركة".
– كلمة الرئيس الامريكي اوباما عن السلام وعن سلام الجيران استفزت حكومة اسرائيل، وحوّلت الكاميرات نحو ابو مازن.
– صورة الرئيس ابو مازن وهو يضع راسه بين يديه ويستمع للترجمة حظيت بالتعليق الاشد والاقوى من جانب معارضيه والذين أدّعوا انه يبكي شمعون بيريس وجرى توزيع الصورة والتعامل معها بكل قوة.
– هنا خرجت حركة فتح ببان تجدد الثقة والبيعة للرئيس عباس وتؤكد فيه ردها على منتقديه وانه مؤتمن على فتح وعلى القضية، وقد تلقف الفتحاويون البيان وتم نشره بسرعة على الجبهة الداحلية لحركة فتح.
– الاعلام العربي، والاعلام الشعبي، ومواقع التواصل الاجتماعي، والمعارضين للرئيس لم يتوان احد منهم في كيل الانتقادات الحادة للرئيس، كما لم يسارع اي من قادة حركة فتح او الحكومة للدفاع عنه، ليكون مرة اخرى وحيدا في مواجهة الرأي العام. من أجل سلام قتلته اسرائيل حين تنكرت لبنود اتفاقية اوسلو التي وقعها شمعون بيريس.
– من أصل خمسة قادة اعتلوا المنصة في الحديقة الخلفية للبيت الابيض عام 1993، رحل اربعة وبقي اثنان لا يزالان يحلمان بانقاذ اتفاقية اوسلو من الموت السريري الذي دخلت فيه منذ سنوات طويلة. رحل عرفات بل قتله شارون، ورحل رابين بل قتله اليمين الاسرائيلي، ورحل بيريس. وغادر كلينتون الحكم ولكنه جاء معزيا وحزينا. وبقي الرئيس عباس وحيدا وحزينا، يحلم بسلام ترفضه الجماهير العربية لانها ترى فيه ظلما شديدا وقهرا مديدا. وتحاربه اسرائيل لانها ترى فيه القدس تفلت من يدها وتقوم من خلاله دولة فلسطين التي تهدد مفهوم الدولة اليهودية.