لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

لا دعاء على الدول والأفراد في مساجد السعودية.. الرياض تحذر من إثارة النعرات العصبية والحزبية



أصدرت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في السعودية، قراراً بمنع الأئمة والخطباء في المساجد، من الاعتداء بالدعاء على الأفراد أو الدول، كما دعت إلى اقتصار الخطبة على الدعوة والإرشاد، في حين حذرت من الخوض في الأمور السياسية، أو إثارة النعرات العصبية والحزبية.

ومن ببن حالات الدعاء على الأفراد والدول، ما يقوم به بعض الدعاة، حيث يدعون في بعض الأحيان على الديانات الأخرى، والحكام.

 

قرار متأخر

عضو الإدارة العامة للدعوة والإرشاد في المسجد الحرام سابقاً عبدالعزيز الموسى، استنكر ما اعتبره "صمتاً من قبل وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد كل هذه السنوات عن مثل هذه التجاوزات"، قبل أن يتساءل عن سبب منعها الآن.

وقال الموسى لـ"هافينغتون بوست عربي"، إن قرار المنع من الاعتداء بالدعاء على الأفراد والدول، "كان من الضرورات الملحة في هذا الوقت، لاسيما أن الكثير من الدول بينها معاهدات ومصالح، وتعمل المملكة العربية السعودية كغيرها من الدول مع دول أخرى غير مسلمة وفق السياسة الشرعية".

وأضاف أن الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- كان يتعامل مع غير المسلمين، "كان يكتب لهم، ويرسل لهم الرسل، ولم يمنع أحد من أصحابه من التجارة معهم، ولم يظهر العداء أو يدعو على أحد غير الذين يحاربهم".

 

المنابر للهدي والتعليم

وطالب الموسى بـ"أن تعود منابر خطب الجمعة للهدى النبوي، وتنحصر في تعليم الناس ما يجب أن يتعلموه، وما يهمهم في أمور دينهم ودنياهم، ويكون الكلام فيما عدا هذا لأهل الاختصاص ومن ولو الأمر".

وأوضح بأن الاعتداء بالدعاء على الأفراد والدول أصبح أشبه بـ"ظاهرة"، وتحديداً في دعاء القنوت وخطب الجمعة، كما أصبح شائعاً حتى في برامج التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي.

ودعا الموسى لمحاسبة المخالف للأنظمة والتعليمات الصادرة من الجهات المعنية، وأن تخضع الإمامة والخطابة لشروط أكثر صرامة وقوة مما هي عليه الآن من قبل وزارة الشؤون الإسلامية، "ويرجى أن تكون لفتة إصلاح ليتدارك ما بقي ممن سلم ولم ينله أَذى التسيس والأدلجة"، بحسب وصفه.

 

مبادلة العداوة والبغضاء

"الإسلام دين المحبة والرحمة، وليس دين الانتقام والاعتداء والتنكيل بالخصوم، والنبي صلى الله عليه وسلم، رفض أن يدعو على قومه بل دعا لهم بالمغفرة "، هذا ما قاله الباحث السياسي الدكتور نايف الفراج في حديثة لـ"هافينغتون بوست عربي".

وأضاف أنه "عندما يدعو خطباء المساجد من على منابرهم بهلاك الغرب، وأن تُيتَّم أطفالهم، وتُسبي نسائهم، سيبادلنا الغرب -بلا شك- الكره والعداوة والبغضاء".

 

محاصرة الطائفية والإرهاب

وأوضح أن السعودية تنبهت لخطر هذا الأمر، حينما وصل الدعاء إلى حد المبالغة والإسراف والمغالاة، فدعا الأئمة والخطباء المساجد إلى عدم الخوض في ذلك، "وهي تخطو بذلك خطوات جادة لمحاصرة الثغرات التي تغذي الفوضى والإرهاب وتهيج مشاعر الناس وتغرر بصغار السن والجهلاء من العامة"، على حد قوله.

ويتهم الفراج بعض الخطباء المؤثرين بـ"استغلال" عاطفة الشباب الدينية وحماسهم غير المنضبط وفقاً لـ "لا أريكم إلاّ ما أرى" "فيدفعونهم للقتال والجهاد".

ويضيف "أحيانا يستغل بعض خطباء المساجد منابرهم لإصدار فتاوى تكفر بعض رجال السياسة أو تهدر دم بعض المثقفين".

وقال الفراج إن أميركا ودول الغرب وبعض القادة السياسيين هم أكثر من يمارس الدعاء ضدهم في المساجد والجوامع من خلال هذا الدعاء التقليدي، "اللهم اقصفهم واخسف بهم أسفل سافلين، اللهم يتِّم أطفالهم ورمل نساءهم، اللهم ارسل عليهم القمل والضفادع والجراد، وهذا بلاشك يحرج الدولة من الناحية السياسية".

ويضيف: "الأسلم أن نستبدل الدعاء على الغرب بالانشغال باستخدام عقولنا وإصلاح أنفسنا وبناء أوطاننا والاستفادة من علمهم وتطورهم الذي يسيرون هم بدروبه بكل ثقة واطمئنان".

ويؤكد الفراج أن "الطريف استخدام بعض أئمة المساجد الميكرفونات ومكبرات الصوت بالدعاء على الغرب وهي في الأصل صناعة غربية".

 

لم يكن مسموحاً ولا مقنناً

وبدوره يرى الكاتب والباحث في العلاقات الدولية المستشار سالم اليامي أن وجود الدعاء على الغير في بعض خطب الأئمة وعلى منابر بعض المساجد، لا يعني أنه كان مسموحاً به أو مقنناً من الجهات المختصة.

ويقول إن ذلك "كان يأتي في السياق العام في إطار الدعاء لنصرة الإسلام والمسلمين في خطب الجمعة على سبيل المثال، وفي أدعية القنوت، وفي صلوات التراويح في شهر رمضان المبارك".

وأوضح اليامي لـ"هافينغتون بوست عربي"، أن الأحداث السياسية العالمية والإقليمية ودخول معطيات جديدة ضمن جدلية الصراع السياسي و العسكري في المنطقة، أبرزت موضوع الدعاء على الغير، سواء كان ذلك الغير أُمم أو ثقافات وطوائف أو دول، مما جعَل أطرافاً خارجية وربما داخلية ترصد هذه الظاهرة، باعتبارها مظهراً للكراهية الموجهة للغير.

 

بداية الظاهرة

وعن بداية انتشار ظاهرة الاعتداء بالدعاء، يقول اليامي "كانت بداية هذه الظاهرة في أغلب التقديرات، منذ زمن ما سمي بالجهاد في أفغانستان، وتطور باتساعه وحضوره على الساحة الدينية والدعوية في الداخل، مع كل حدث سياسي تقريبا خاصة أبرزها مثل القضية الفلسطينية، ثم احداث متفرقة مثل ما حدث في البوسنة في تسعينيات القرن الماضي، ولكن حضور هذا الموضوع أصبح أكثر حدة وحساسية مع بروز المعطى الطائفي كأداة سياسية في المنطقة ".

الإرهاب والمراجعات

ويرى أن التوجه السعودي يأتي تماشياً مع الظروف الضاغطة في العالم والمنطقة، وتصاعد موجات الإرهاب الدولي، والصراعات العسكرية المتنامية منذ 2011، "والتي أفرزت مراجعة كثير من البنى الثقافية، وإعادة ترتيب مضامين الخطابات السياسية، وربما الدينية والثقافية".

الرابط المختصر: