لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

اسرائيل تشرع قرصنة البؤر الاستيطانية بهدوء



تلفزيون الفجر الجديد- في ليلة من ليالي خريف 1998  قام "ريادي" وبتمويل ذاتي بنقل 3 مقطورات الى قمة تلة جرداء في الضفة المحتلة ليؤسس اول مستوطنة مقرصنة.

عشرات المؤيدين الشباب جاؤوا لتحية شمعون بيكلن الذي لحقت به زوجته ورضيعها بعد ايام، اسرة ثانية قدمت الى المكان، ما ادهشهم في البداية ان لا قوة عسكرية ولا موظفين حكوميين جاءوا ليطردونهم."بعد ستة شهور" قال بيكلين في مقابلة " لقد فهمت ان الامر قد قضي".

لقد سموا بؤرتهم "متسبيه داني"، على اسم مهاجر بريطانيقتل طعنا من فلسطيني قرب المستوطنة، واستمروا بعد ذلك بشهور في المساعدة في تأسيس " متسبيه حاجيت" وبعدها "نفيه ايرتس" القريبة، "كنت اقفز من تلة لتلة" يقول بيكلن.

اليوم يوجد اكثر من 40 عائلة متدينة تسكن متسبيه داني التي هي احدى  عقد خيط من البؤر الاستيطانية التي تقع على موقع استراتيجي ومشرف نحو الجنوب الغربي من جبل الزيتون في القدس وشرقا حتى غور الاردن. انها جزء من شبكة ممتدة تتشكل من 100 بؤرة استيطانية  اسست خلال عقدين دون موافقة حكومية رسمية.
البؤر ككف يد تمتد من القدس الى ارجاء الضفة

ثلث هذه البؤر على الاقل اما رخصت بأثر رجعي او انها مثل متسبيه داني في طريقها للترخيص، وهو امر وصفته المنظمات المناهضة للاستيطان عملية منهجية من الحكومة لتغيير خارطة الضفة حيث تبدو البؤر مثل كف مفرودة الاصابع منبسطة على تلال الضفة.

مع خمود عملية السلام ، وتزايد شكوك المجتمع الدولي في نوايا الحكومة اليمينية الاسرائيلية  والتزامها تجاه اقامة دولة فلسطينية، تشكل هذه البؤر دليلا على انه من المستحيل فكفكة الصراع. وفي تقرير تموز الصادر عن اللجنة الرباعية  وصفت البؤر كتوجه لـ "تدمير حل الدولتين".

في ولايته الاولى اعلن بنيامين نتنياهو انه يقبل بدولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل وان حكومته لن تبني مستوطنات جديدة او توسع القائمة بمصادرة الارض. لكن زيف ستاهل وهي باحثة في مؤسسة "يوجد قانون" تقول: "انهم يرخصونها سرا". وتضيف : "حاولت اسرائيل تجنب الرقابة الدولية عبر تسجيل هذه البؤر كضواحي او احياء لمستوطنات قائمة، مع ان بعضها بعيد ويظهر كتجمع منفصل".

البؤر في الضفة الغربية:

بالاشارة الى اجراءات اسرائيلية اخرى بما فيها هدم " المنشآت الفلسطينية غير المرخصة نرى ان ذلك هو تحول نحو الضم"،  بعد سؤاله عن ترخيص البؤر و – الانتقاد الدولي لذلك –  لم يجب الناطق باسم نتنياهو مباشرة، لكنه اعاد الموضوع الى موقف القادة الفلسطينيين الذي يصر على عدم الاعتراف بشرعية الاستيطان، ويطالب بعدم بقاء اي مستوطنة في اي حل مستقبلي.

غير قانوني ، ثم قانوني

هذه البؤر متموضعة استراتيجيا الى جانب 120 مستوطنة مرخصة سابقا، وهي مهجع لجزء من تعداد استيطاني يبلغ 350 الفا في الضفة.
احدى هذه المجموعات تمتد شرق مستوطنة "شيلو" مثل خرز ملضوم في مسبحة ( شفوت راحيل، عادي عاد، اهيا، كيدا ، ايش كوديش) هذه البؤر تتحكم في قمم الجبال بين قرى فلسطينية مثل قصرة، جالود، المغير، ودوما حيث تم حرق عائلة باكملها .

رباح حزامه ، مزارع فلسطيني يملك بساتين زيتون وحقول مزروعة بأشياء اخرى في المنطقة قال: ان المستوطنين منعوه واقاربه من العمل في ارضهم القريبة من بؤرة (عادي عاد) وقد قطعوا الاشجار وسممت بعض الحقول، وقال ان عمه قدم 86 شكوى للشرطة الاسرائيلية خلال عدة سنوات لكن "شيئا لم يحدث".
بينما يعتبر كل العالم هذه البؤر خرقا للقانون الدولي، تحاول اسرائيل ان تميز بين كونها بنيت فوق اراضي مملوكة لافراد، او اراضي عامة ".

تشكلت لجنة حكومية عام 2005 من النائب العام السابق تاليا ساسون، احصت حوالي 105 بؤرة  اسست بخرق واضح للقانون، واوصت بخطوات حاسمة بما فيها ازالة البؤر القائمة على اراض خاصة.

نتنياهو والمستوطنات

في عام 2012 شكل نتنياهو لجنة اخرى وصلت الى نتائج مختلفة، كانت اللجنة برئاسة ادموند ليفي وهو قاض متقاعد في المحكمة العليا، وخلص تقريره بأن الضفة ليست محتلة فعليا- لانها حكمت من الاردن 19 عاما ولم يكن معترف بها دوليا، ولذلك لا يوجد عائق لترخيص البؤر التي اقيمت على اراضي الدولة عبر اتفاق ضمني بين المسؤولين الاسرائيليين الكبار. لذا فتقرير ليفي ايد سياسة اسرائيل بأن المستوطنات المقامة على اراضي خاصة هي غير قانونية.

تحت الضغط الدولي، تعهدت اسرائيل اكثر من مرة بازالة البؤر غير المرخصة. ولكنها ايضا حاولت انقاذ بعضها حتى المبنية على الاراضي الخاصة مثل عمونا والتي تقرر تفكيكها في 25/12 بقرار من المحكمة العليا، سكان بؤرة اخرى مشابهة  (ميغرون) والتي ساعد بيكلن في تأسيسها تم ترحيلهم في 2012 الى مكان مؤقت بجانب اراض عامة.

قدمت حكومة نتنياهو في 2011 وبكل هدوء ما سمته " السياسة المشتركة"،  والتي تقوم على ازالة حكومة اسرائيل للبؤر الاستيطانية القائمة على اراض خاصة ، ولكن في الاراضي التي تعتبرها اسرائيل عامة فانها ستنظم المكانة التخطيطية لها" او بمعنى آخر ترخصها بعد ان اصبحت امرا واقعا.

عملية حذرة وغامضة

المؤشرات الاولى على التغييراتفي واقع بعض البؤر ظهرت في ردود الحكومة على استفسارات المحكمة المقدمة من المنظمات المضادة للاستيطان.هذا ما حصل العام الماضي، حيث ردت المحكمة العليا التماسا لهدم منشأة غير قانونية في متسبيه داني، بعد ان اخبرت الحكومة المحكمة انها مستمرة في اجراءات ترخيص البؤرة.استشهدت المحكمة بقرار اكتوبر 2015 الصادر عن لجنة التخطيط الاسرائيلية لنشر الخطة الرئيسية القديمة للنمو السكاني في تلك المنطقة.

وتصنف متسبيه داني في الخطة كحي من معاليه مخماس، المستوطنة الام الواقعة على الشارع الرئيسي ، برغم ان جزءا من البؤرة يقع خارج المستوطنة  في اقصى مسطح لها، وحسب المخطط فان البؤرة معدة لاستيعاب 189 منزلا في عام 2040.

تفتقر البؤرة الى خطة مفصلة تبرر ترخيصها، وتقر المحكمة  ان عملية التخطيط تجري ببطء. لكن حركة السلام الان  تقول انه على الاقل هناك 20 بؤرة قد اكملت عملية التخطيط او انها تمتلك هذه الخطط  وهي قيد معالجة وزير الجيش، وهناك 14 اخرى لا زال مسار الترخيص فيها جاريا.

متسبيه داني، 2001-20015

قالت حاغيت اوفران، مديرة برنامج "السلام الان" لمراقبة الاستيطان ان رسالة الحكومة هي: " ابني ونحن نرخصها لك بأثر رجعي".

وزارة الجيش وما تسمى الادارة المدنية، رفضت المناقشة في امر البؤر او تقديم اي معلومات او بيانات عن واقعها، ويقول المستوطنون انهم صارعوا للحصول على معلومات حول عدد البؤر المرخصة " لست متأكدا ان كانت الثلث او النصف او كلها" يقول عوديد ريفيفي، رئيس  لجنة الخارجية في مجلس ييشع الذي يمثل المستوطنات .

تتم معظم عمليات الترخيص بحذر وبدرجة من الالتباس يقول بكلين، واصفا اياها " الكل قط وفأر" بين نتنياهو واوباما الذي قال اي توسيع للاستيطان هو عائق امام السلام.

يقول يغئال ديلموني نائب الرئيس التنفيذي لمجلس المستوطنات ان مجموعات مثل السلام الان خدمت (عملت معروفا) للمستوطنين منخلال استخدام الدولة، لان ذلك كثيرا ما دفع الحكومة للالتزام بموقف، بعد التماس واحد منهم الى المحكمة قامت الحكومة بترخيص البناء في مستوطنة غير قانونية  وبؤرة اخرى، وارسل مجلس المستوطنات باقة ورد الى "السلام الآن". كانت العبارة المكتوبة على باقة الورد " سوف نسعد بتسمية شارع على اسم "السلام الآن" في الاحياء الجديدة"

القفز خارج السياج

دعا شارون عندما كان وزيرا للخارجية المستوطنين "الى الركض والاقتناص" لكل قمة تلة في الضفة الغربية، ولم يكن هناك بعداي تنظيم لمشروع البؤر.

واوضح مسح ساسون عام 2005 كيف ان الموظفين في وزارات الاسكان، الجيش، واخرى يعملون بمنهجية لتأسيس النقاط الاستيطانية الجديدة  تمويلها والمساعدة في توفير البنية التحتية.

قام بيكلين ونشطاء آخرون بالتدخل عندما فاوض نتنياهو في ولايته الاولى عام 1998 ولمح الى التنازل عن اراض جديدة في الضفة للسلطة الفلسطينية الوليدة.

" شعرت انه لا يوجد مستوطنين كفاية في "يهودا والسامرة" لضمان مستقبل المستوطنات" يقول بيكلن،  الان يوجد صوت عال لمؤيدي الاستيطان في الاعلام الاسرائيلي وهناك تسمية للضفة باسمها التوراتي " شعرنا اننا يجب ان نخرج من السياج".

بعد اسبوعين من وصول بيكلين واصدقائه الى قمة الجبل قدم لهم مجلس مستوطنات بنيامين (وسط الضفة) المولدات وخزانات المياه، وقدم لهم وزير الاسكان مساعدات، وصف بيكلين الاجواء بانها كانت اجواء نشوة.

تضم البؤرة الان عشرات المقطورات، وبعض البيوت الحجرية وملعب لكرة السلة، وهي في اماكن لا ترى من الشارع الرئيسي. توجد روضة اطفالوملعب يحرسهما الجنود، سكانها بينهم مهندس معماري، ومحامي ومعلمين. وفي حالة مشهدية، هناك جهاز صوت يصف الاستيطان اليهودي بأنه تلبية لنبوءة ارميا " الاولاد سيعودون الى حدودهم"

سكن بيكلين معاليه مخماس، وبينما رفض قادة البؤرة اجراء مقابلة معهم، قال يهودا نعماد 30 سنة الذي يعمل في محل للبهارات سكن متسبيه داني،مع انه كان يسكن القدس، وذلك بسبب المكان اليوم ينتقل الى حميدات في الغور وفي مقطورة اخرى، حيث تم ترخيص البؤرة بعد 19 عاما من التجميد." انا مؤمن ان هذه ارضنا" يقول يهودا، ويضيف "ان الله اعادنا اليها، فالله يكتب تاريخنا"،  وعن الفلسطينيين يقول: " من يقبلنا يستطيع العيش هنا بأمان".

نعماد لم يكن منزعجا من الانتظار ليحصل على بيت دائم ويقول: " مكتوب ان الخلاص يأتي ندريجيا… مثل الطبيعة ومثل شجرة الزيتون".

ايزابيل كريشنر، عن نيو يورك تايمز ، ترجمة جبريل محمد

الرابط المختصر: