لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

جنين “تنتفض” ضد “كهرباء الشمال”.. الشركة: إذا كان رحيلنا سيحل الأزمة فسنفعل



كتب: عبد الباسط خلف- آفاق البيئة والتنمية

أشعل انقطاع التيار الكهربائي المتكرر عن جنين غضب المواطنين والتجار، الذين سبقوا انطلاق العام الميلادي الجديد بمسيرة ووقفة احتجاجية ضد شركة كهرباء الشمال، مطالبين بتحزيم حقائبها والرحيل عن المدينة، وإعادة خدمة توزيع الكهرباء إلى البلدية.

واحتشد عشرات التجار والمواطنين أمام مقر وزارة الحكم المحلي، بعد مسيرة دعت إليها الغرفة التجارية والنقابات المهنية والعمالية وحركة فتح، طافت شوارع المدينة الرئيسة، وهتفت حناجرهم ضد الشركة، فيما حملوا يافطات دعتها إلى الرحيل، وتقديم تعويضات عن تلف أجهزتهم المنزلية ، وتعرض مصالحهم التجارية للخسائر.

وتناوب رئيس الغرفة التجارية علي بركات ( قبل أيام من تسليم منصبة لخلفه هشام مساد) وعضو الغرفة عمار أبو بكر على سرد لائحة مطالب أبرزها رحيل الشركة، وتعويض المتضررين، وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل خمس سنوات، وهو التاريخ الذي انطلقت منه "كهرباء الشمال".

رزمة مطالب

وقال بركات لـ"آفاق البيئة والتنمية" إن رزمة المطالب تتلخص في رحيل الشركة، وإعادة النظر في أسعار الكهرباء وخدمة الاشتراك، وتقديم تعويضات؛ لأن الأمور وصلت نقطة لا يمكن السكوت عليها.

وأضاف: "التقينا برئيس مجلس إدارة الشركة، وهو أيضا وزير الحكم المحلي سميح طبيلة، وعرضنا مطالبنا، وأوضحنا له أن المشكلة تتفاقم يومًا بعد يوم، مسببة المزيد من الخسائر، فقد أُجبر غالبية التجار على شراء مولدات يتراوح ثمنها بين 6- 10 آلاف شيقل، ويشعر التجار بضرورة مراجعة خدمات الشركة، التي تتلقى مبالغ كبيرة على رسوم الاشتراك والصيانة".

وأكد بركات أن الغرفة ماضية في الحراك، ولن تتوقف أو يشتريها أحد، وستوصل صوتها إلى كل المستويات. وأوضح أن الفعاليات الاحتجاجية لن تتوقف إلى أن تتحقق مطالب التجار والمواطنين، وهي مطالب عادلة.

قمر وبحر

فيما أشار أبو بكر في كلمة غاضبة وسط المحتشدين، إلى أن مطالب أبناء جنين ليست تعجيزية، فهم لا يبحثون عن الصعود إلى القمر أو الذهاب إلى البحر، بل يريدون حياة كريمة ولائقة، وبخاصة بعد معاناة طويلة صيفا وشتاءً، وانقطاع يومي للكهرباء.

ودعا سلطة الطاقة ووزارة الحكم المحلي إلى اتخاذ إجراءات فورية لحل الشركة، وإنهاء معاناة المواطنين، وموضحًا أن حال جنين لا تعيشه أية مدينة أخرى، بالرغم من أن مصدر التيار الكهربائي واحد.

واستمع مدير عام الحكم المحلي في المدينة إياد خلف إلى مطالب المحتجين، وسط مقاطعة متكررة من التجار، وقال إنه سينقلها لوزير الحكم المحلي، الذي يقف على رأس مجلس إدارة الشركة، مشيراً إلى أن سبب الأزمة يعود إلى الاحتلال بالدرجة الأولى.

وأضاف أن الوزارة ستوصل صوت الناس إلى المسؤولين، وستدعم بالوسائل القانونية أي مطالب تتعلق بالتعويض بطرق سلمية وقانونية، وبخاصة أن الشركة مؤمّنة على عملها.

وعود وملل

وقال د. مصطفى الشناوي، الذي كان من بين المحتجين، إن المواطنين ملوا من الاستماع إلى الوعود الذين اعتادوا عليها منذ 5 سنوات، فما تقوم به الشركة محصور فقط في شراء الكهرباء بـ 4,2 أغورة للكيلو واط الواحد، وإعادة بيعها بـ 5,6 أغورات، وقد تحول هدفها من خدماتي إلى ربحي، وأعادت الشركة جنين إلى الوراء، فالمحافظة التي قدمت المناضلين ينبغي أن لا يميز ضدها، وعلى الشركة أن تقارن بين ما تقدمه من خدمات لنا ولنابلس.

وقال تجار غاضبون، إن من يريد أن يجلس على كرسي المسؤولية عليه أن يتحمل النتائج، ويحل مشاكل المواطنين، وأن لا يعلق كل الأخطاء والفشل والإخفاق على الاحتلال والشركة القطرية الإسرائيلية، التي يتكرر اسمها دائمًا.

معاناة وكلفة

فيما سرد التاجر أحمد يحيى لـ (آفاق) معاناته مع الشركة، التي رفضت طلبه بنقل برج خط الضغط العالي من داخل أرضه، لكنها ماطلت ونفذت ذلك بعد سنوات بطريقة سيئة، حين وضعت البرج أمام مدخل بنايتي التجارية، وأجبرت على دفع 10 آلاف شيقل لتنفيذ الطلب.

وأشار يحيى إلى أن معاناة التجار كبيرة مع الكهرباء فقد أجبروا على شراء مولدات، وبعضها تعرض للتلف، كما أن العدادات تحسب خصماً من رصيد التاجر والمواطن بقيمة شيقل واحد، بعد كل عملية انقطاع. وطالبوه بدفع ألفي شيقل لنقل خط الضغط العالي من مخزني القديم إلى الجديد، بعد انتظار سبعة أشهر.

وأضاف: "باختصار، تجبرنا كهرباء الشمال على دفع خاوة، وإدارتها سيئة، وخسرنا مبالغ كبيرة، ورسوم اشتراكاتها وخدماتها مرتفع، ولا يمكن أن يستمر هذا الوضع، فقد كان مختلفاً قبل تأسيسها، ولم نكن نعاني كما هو الأمر اليوم."

وتابع يحيى: "لسنا في نيويورك لخصخصة الكهرباء، وعلينا أن نعيد الشركة إلى البلدية، ولا يعقل أن نستثمر ونربح في خدمة أساسية لا ننتجها، ونتلقاها من الاحتلال."

وأوضح تجار آخرون أنهم يدفعون مبالغ كبيرة لنقل اشتراكاتهم، تصل إلى أكثر من 30 ألف شيقل للعمارات السكنية، كما أنهم يدفعون 40 شيقلاً لتغيير "فيوزات" الشبكة، التي تباع في الأسواق بثلاثة شواقل فقط.

خسائر باهظة

يقول التاجر هاني أبو مويس لـ"آفاق": "لو أن الشركة تأست قبل 15 سنة لبقيت جنين على مولدات، الاحتلال شماعة دائمًا، والسؤال الآن، أين ذهبت الأموال التي جمعتها الشركة منذ تأسيسها؟ وباختصار، لا نريد هذه الشركة لا من قريب أو بعيد.

ويستعرض معاناته: " لشركتنا خمسة فروع في طولكرم ورام الله وجنين، وحين ينقطع التيار عن جنين يتوقف العمل في الفروع الأربعة الأخرى؛ لكونه المقسم الرئيس الذي يغذي الأقسام الأخرى في المدينة. ويضيف بأن الكثير من الأجهزة كانت قد تعرضت للتلف بسبب تكرار انقطاع التيار عشرات المرات في اليوم الواحد، وغيابها الطويل لساعات خلال الصيف، لتجبر الشركة في نهاية المطاف على شراء مولد كهربائي بـ(15) ألف دولار كي لا تتوقف أعمالها.

الشركة: لسنا المشكلة

بدوره أكد مسؤول الإعلام في "كهرباء الشمال" سلطان برهم لـ"آفاق" "أن الشركة تضم صوتها لصوت المواطن، وإذا كان الحل برحيلنا فسنفعل، لكنه أمرٌ لا يقدم ولا يؤخر، فالمشكلة مرتبطة بالاحتلال، وليست بنا، ونضمُ

صوتنا إلى صوت المواطن، ونود التذكير أن الشركة استثمرت في خمس سنوات ملايين الشواقل لتحسين خدمة الكهرباء."

ويسرد مدير الشركة في جنين أيوب فريحات لـ"آفاق" أن أزمة التيار الكهربائي في جنين وقراها لا تنفصل عن الاحتلال، الذي ربطنا باتفاق مجحف في خدمة الكهرباء. وقد نقل فريحات عبر رئيس مجلس الإدارة لرئيس الغرفة التجارية والمحافظ ورئيس البلدية أن الشركة تبذل كل ما تستطيع لحل مشكلة جنين. "استحدثنا نقطة ربط جديدة في منطقة (صباح الخير) بدل الاعتماد على نقطة وحيدة في حي (الألمانية)، والمشكلة أن جنين تتوسع وتتضاعف كل عام مع بقاء القدرة الكهربائية ثابتة. فيما خفضت الشركة الإسرائيلية حمل الكهرباء على جنين من 480 أمبير إلى 400 أمبير، فيما تحتاج إلى 600 أمبير".

تضخم

يضيف:" أسست الشركة لتطوير هذا القطاع، ولو بقيت من مسؤوليات البلدية لما استطاعت أن تحل المشاكل المستعصية، فقد دفعت الشركة مبالغ كبيرة، فأزمة جنين وبلديات: قباطية، ومرج ابن عامر ( تضم تجمعات دير أبو ضعيف، وجلبون، وفقوعة، وعربونة، وبيت قاد، وعرانة) سببها نقص القدرة الكهربائية المزودة من الشركة القطرية الإسرائيلية، التي تزود جنين بـ450 أمبير ضغط متوسط، المرتبط بمفتاح محوّل بيسان، وهو نفسه الذي لم يتغير منذ عام 1984، فيما تضاعفت الأحمال 50 مرة!

ويؤكد فريحات، الذي سبق وعمل نائباً لمدير قسم الكهرباء في بلدية جنين، ومديرًا للدائرة الفنية فيها 15 سنة بأن "الحل الاستراتيجي، تشغيل محطة التحويل في أراضي مرج ابن عامر، لتحويل التيار من 161 كيلو فولت إلى 33 كيلو فولت، بقدرة 135 ميجا ( 2362 أمبير)، وهي قادرة على تغطية احتياجات محافظتي جنين وطوباس كاملتين، وجزء من منطقة الشعراوية في طولكرم، وهي المحطة التي جرى افتتاحها في كانون الثاني 2015 بمشاركة رئيس الوزراء، غير أن الاحتلال يرفض تشغيلها، ويربط ذلك بحصول السلطة على براءة ذمة مالية تقدر بنحو 2 مليار شيقل."

توزيع لا إنتاج

ويضيف: "توليد الطاقة ليس من اختصاصنا، فنحن شركة توزيع، والمسؤول عن الإنتاج هي سلطة الطاقة، ورخصتنا فقط مقصورة على أعمال التوزيع. ونوزع حاليا المتاح بين أيدينا على جنين وقباطية وبلدية مرج ابن عامر، التي تحتاج إلى 590 أمبير، فيما نملك 450 منها، فنوزع العجز بالتخفيض 50 من قباطية، و60 من جنين، و10 من بلديات مرج ابن عامر، وإذا لم نقم بهذا الإجراء، فإن التيار الكهربائي يتذبذب، وينقطع بشكل آلي، بفعل زيادة الأحمال على الشبكة."

يوالي فريحات: "نتحدى أي مواطن أن يثبت أن العدادات تحتسب مبالغ إضافية عند كل عملية قطع، وهذا حديث غير علمي، وبشأن "الفيوزات" وأسعارها، فصحيح أن ثمن الواحد منها (3) شواقل، لكنها تتطلب مواصلات وإرسال اثنين من الفنيين، ولو أراد التاجر أو المواطن إصلاح العطل بنفسه فسيدفع أكثر مما نتلقاه."

وحول التعويض عن أضرار الفصل والقطع المتكرر، قال:" نعوض أي مواطن تضرر بسبب تمديدات فنيي الشركة، وحدثت حالات من هذا القبيل في الماضي، لكننا لا نستطيع أن نعوض عن فصل التيار من المصدر وما يلحق به من تلف للأجهزة، ونحن مرتبطون باتفاقات مجحفة مع الاحتلال."

وكان فريحات قد أكد لـ(آفاق) في عدد أيلول 2015 أن الشركة تلجأ إلى قطع التيار، بجدول معلن سابقًا، ساعة ونصف عن كل منطقة، وما يفاقم الأزمة هذا العام، تركيب 2500 مكيف جديد في مدينة جنين لوحدها خلال

شهر آب الماضي. وهو إجراء لا يُتخذ خلال الليل، في وقت يتراجع الطلب على الكهرباء في البيوت والمتاجر، لكنه يبقى على حاله تقريباً في المصانع والمحاجر."

فيما ذكر مدير إدارة الشؤون الإدارية لكهرباء الشمال رائف العكر، في تصريحات صحافية إن الشركة اقترضت من البنوك 50 مليون شيقل لحل أزمة الكهرباء في جنين. وأشار إلى اجتماع من المقرر أن يعقد مع الشركة الإسرائيلية، للاتفاق على آلية لحل المشكلة، وستدفع مبدئيا 20 مليون شيقل، بينما ستسدد الثلاثين مليونا المتبقية، حال التوصل إلى اتفاق.

الرابط المختصر: