لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

بحوار إذاعي: كيف استغل الآسكيّون المراهقات لاستدراجهنّ بعُلاقات خارجية..؟؟



إعداد وتقديم: ايمان فقها
ضيف الحلقة: فضيلة الشيخ د.عمار مناع، ومقدم برنامج آسك أف أم عبر إذاعة وتلفزيون الفجر
ملاحظة: البرنامج غير موجود، وإنما هي عبارة عن حلقة تمّ إعداداها استكمالاً لمساق التقديم الإذاعي الإخباري والحواري
إنّها الرابعة مساءً وبضع دقائق، وضعت كتبي، وهاتفي النقّال بعيداً محاولةً استراق بعضٍ من لحظات الرّاحة، هنيهة وبدأ هاتفي بإعطاء رنّات معبّراً عن وصول إشعارات ربّما فيسبوكيّة، أو آسكية، أو انستجرامية، أو حتّى سنابيّة، لكن السبيل للوصول إلى هاتفي من شدّة الإنهاك مستحيل.

تجاهلتُ الأمر بدايةً، لكن صوت تلك الرنّات لم يغِب، بل وازداد حيناً وحيناً، تركت كلّ ما بِحَوزتي، وعدتُ لأتنقّل بين ذاك العالم الواسع الضيّق، المحدود واللامحدود، المُتعِب المُفرِح، لحظات تجوال حتى وصلت، لم يكن الموضوع غريباً، أو أنّني قد تفاجأت ممّا شاهدت، فقد اعتدتُ على هذا، لكن الغرابة أن تجد مثل هكذا سلوكيّات من أشخاص لم يجلسوا معك يوماً، ولم يحدّثوك عن قربٍ.

لم يكن سؤالاً، إنها حزمة من الأسئلة ذات المستوى الدنيء، لو أيقن مُرسِلها سُخف ما صنعه لطأطأ رأسه نزولاً، ونزولاً، لأدرك أنّ عقله يحتاج للإرشاد النفسيّ، لتعلّم يوماً أن الغيرة تصنع منّا المستحيل لإنجازه، لا تدفعنا لأنّ نخبئ أنفسنا تحت رداءٍ مجهول لنصل بغايتنا ونطبّقها من خلال موقع إلكترونيّ يسمّى ب "الآسك أف أم".   

"إنّك جميلة اليوم، حدّثيني ما سبب ذلك؟، لقد رأيتك تحدّثين شخصاً أمام مبنى الكلية ظهراً، كيف تدّعين الأخلاق؟، إنّ الأزرق لون رائع لازمي ارتداءه، من هو حبيبك؟، صفحتك رائعة جداً، أتمنى لقاءك في الواقع، (ما أحلاك، جنتل وأمور)"، وغيرها من العبارات التي تدّق واحَة آسكيّة شقّت طرقاً بعضهم وصفها بالتجربة الجميلة والمفيدة، وآخرون شعروا بالندم لدخول ذاك الموقع الذي لم يعد عليهم بأدنى فائدة.

الآسك إف إم بحسب موقع الوكيبيديا موقع تواصل اجتماعي خاص بالأسئلة، تأسس في  16 يونيو من عام 2010م، كمُنافس لموقعSpring.me  لكن غطّت شهرته هذا الموقع.

حيث بإمكان المستخدم إنشاء صفحة من خلاله لإرسال الأسئلة للعديد من المستخدمين و يمكن للمستخدم أيضًا استقبال الأسئلة من الأصدقاء، أو من شخص مجهول على حسب الخيارات التي قام باختيارها، متوفر باللغة العربيّة، وعدّة لغات.

ورطة..
بدأت الطالبة ريناد جيطان من كلية الإعلام، وابنة مدينة نابلس سرد قصّتها لحظة دخولها ذاك الموقع قائلة "فكّرت بدخول الآسك منذ حوالي سنتين، وتجربته كأيّ موقع تواصل اجتماعيّ، وكنت آنذاك في مرحلة الثانويّة العامّة، و كان دارجاً كثيراً".

تصف جيطان مستخدميّ الآسك، بعضهم يطغى أسلوب الفلسفة عليهم، وآخرون فضوليّون، وأيضاً هناك ثلّة ليست بالقليلة "أبراج مراقبة"، وبعضهم تشعر أنّه ليس قادر على مواجهتك واقعيّاً، فيستخدم المجهول لإرسال أسئلة، وبعضهم كالأقنعة تخفي الاستعارة والتزييف.

تتابع جيطان "من الممكن أن تجد آسكيّاً كلامه درر لكن واقعيّاً غير ذلك تماماً، إجمالاً هناك عيّنات تعشق إظهار فلسفتها أمام النّاس، وهناك أيضاً شخصيات آسكية تماماً واقعية هم من ستعود الفائدة القيّمة عليك إن تابعتهم".

أصناف عدّة دخلت هذا الموقع، منها من أحسنت استخدامه ومنها من أساءت فبدّلته بأسئلة لا معنى ولا قيمة لها سواء إلحاق الضرر النفسيّ بالمرسل إليها، أو التفريغ النفسي عن المرسل.

تصف ريناد جيطان مدى استفادتها من هذا الموقع قائلة "تعلّمت منه الكثير، وفتح أمامي المجال لأرى مدى تفكير الآخرين، سطحي أم واقعي أم تافه أم لاستعراض صور على الملأ، أو عبارة عن كلام لا يقدّم ولا يؤخر، هناك صفحات عابثة وفي المقابل هناك المفيدة جداً".

من خلال حسابها الآسكي استنتجت جيطان وجود المحبّين والكارهين، من يتمنّى الخير، والمنافقين من تتلّبس الأقنعة تجاعيد وجوههم لينطقوا بالخفاء كلّ قبيح، نوعية الأسئلة الموجودة هي التي تظهر مدى تفكير النّاس وخاصّة الجبناء الذين لا يستطيعون مواجهتك واقعيّاً.  

وتصف جيطان الموقع أيضاً وكأنه "ورطة"، فالمستخدم يبقى منتظراً لقدوم السؤال ممّا سبّب له الإدمان الآسكيّ، من الممكن أن تجد متابعين يجدوا في إجابتك المضمون الجيّد، وهناك عدد ليس بالقليل يقوم باستغلال هذا الموقع ليشهر نفسه، ويصبح معروفاً، وله متابعين كثر، وهمّهم الوحيد جمع "اللايكات"، ليصبح عدد اللايكات مقياساً لشهرتهم.

يُذكر أن موقع الآسك يرسل تلقائياً أسئلة لكل مستخدم، هذا ما طالبت به جيطان من نوعيّة، فالأسئلة الخاصّة والشخصية لا فائدة منها، فما علاقة الآخرين بخصوصيّاتنا؟، وما سبب كل هذا الفضول؟.

اترك الآسك..
"نصيحتي اتركوا موقع الآسك، لأنّك إجمالاً لن تجد منه غير ألم الرأس، والمشاكل، فمستخدمي الآسك هم من شوّهوا مبدأ ونظام وغاية هذا الموقع".هذا ما اختتمت به الشابّة، والطالبة من كلية الإعلام ريناد جيطان حديثها.

مواقف عدّة تكرّر وجودها ضمن العالم الآسكيّ، فحادثة أخرى قام بافتعالها بعضٌ ممّن تجسدت أربطة عقولهم، لا تستغرب إن وجدت حساباً آسكيّاً باسمك قام بإرسال أسئلة وإظهار اسمك لزميل/ة لك لافتعال المشاكل فيما بينكما، وردّد الحادثة بحساب آخر يحمل اسم الطرف المقابل وإرسال الأسئلة ذاتها، لكن هذا ليس بالدنيء جداً، فما تبقّى مصيبة أخرى.

تعدّدت الظواهر الأسكية، والمخجل جداً شخص قام بإرسال شتيمة أو كلمات تحمل بين خباياها الذمّ والقدح، لتجيب أنت عنها، ويرسل لك باسمه سؤالاً ينتقد من قام بإرسالها، ويحك يا أنت !..ماذا تسميّ هذا؟.

سلاح ذو حدّين..
يتحدّث المتخصص في علم الفقه والتشريع الشيخ عمّار منّاع "موقع الآسك هو سلاح ذو حدين، يمكن استخدامه في أمور نافعة وبإيجابية كما يمكن استخدامه بشكل سيء وبسلبية، وللأسف الشديد أن كثيرا من الشباب يستخدمونه سلباً ويستغلونه لإقامة العلاقات مع الجنس الآخر أو لمضايقة الناس بحيث يستغلون السؤال كمجهول".

يضيف منّاع " لكنني لمست فيه الجانب الإيجابي، وهو بكونه يتيح السؤال كمجهول، ممّا فتح المجال لكثير من الشباب الذي يملك أسئلة يخجل من طرحها مباشرة أو لا جد من يسأله، وهنا كان الكم الهائل من الأسئلة التي ترد، والتي زادتني إصراراً على العطاء، واستخدام هذا الموقع".

وعن طبيعة الأسئلة التي تصل لفضيلة الشيخ من خلال حسابه الآسكيّ فهي متعددة، وتحمل مواضيع مختلفة وفي عدة جوانب، الفكر والعقيدة، فقه العبادات وفقه المعاملات وأسئلة متعلقة في الأسرة والأحوال الشخصية، لكن أغلب الأسئلة شبابية في الجانب النفسي أو الاجتماعي أو الحياتي والتعامل مع الواقع، وتحتل الحياة العاطفية والجنس والعلاقات بين الجنسين جانبا كبيرة ومساحة واسعة من الأسئلة.

يتابع منّاع "إجابتي لهذه الأسئلة تختلف بحسب السؤال وصياغته، وأحاول أن أصل إلى ما يرمي إليه السائل، وأحاول الموازنة بين الجانب الشرعي والجانب النفسي ومعطيات الواقع، وخطاب الشباب بلغة محببة قريبة من نفوسهم، بشرط أن لا يؤثر ذلك على المواربة في الإجابة".

أمّا عن المعايير التي يستخدمها فضيلة الشيخ عمّار مناف فتتلخص أولاً في الجانب الشرعي، ثم الواقع وطبيعة السائل، ومستوى الالتزام عنده، كل ذلك يقوم بصياغته بلغة قريبة من الشخص وبتجديد الخطاب الشرعي وإعادة فهم الإسلام بعيداً عن الموروثات الخاطئة.

الشباب طاقة..

وعن مدى الاستفادة من هذا الموقع فيذكر الشيخ عمّار منّاع أن موقع الآسك أضاف له كثيراً، وتشكلت صورة أكثر وضوحاً عن الشباب واهتماماتهم وقضاياهم وما يحتاجون إليه، وجعل تعامله أكثر واقعية، وأصبح أكثر تفهماً لاحتياجاتهم، وازداد يقيناً أن الشباب طاقة كبيرة مغيبة وليس هناك من يرعاهم ولا من يأخذ بيدهم ويرشدهم، وأنهم في الحقيقة ليسوا مجرمين بل هم ضحية واقع.

كما يوجّه منّاع رسالة إلى شباب المجتمع، فهم عماد التغيير وأمل الأمة، عليهم أن يقودوا المرحلة ويكونوا عند مسؤولياتهم، وينظروا لأنفسهم على أنهم محور المجتمع والفاعلين الحقيقيين فيه، ويدعو قطاعات المجتمع المختلفة ومؤسساته المتنوعة أن تأخذ دورها في استيعاب هؤلاء الشباب والاهتمام بهم وبقضاياهم.

من الجدير بالذكر أنّ للشيخ عمّار منّاع برنامج يختص بموقع الآسك إف إم قام
بعرض فكرته على تلفزيون وإذاعة الفجر الجديد، بعد أن وجد كمّ الأسئلة الهائل الذي يرده على حسابه الآسكيّ.

حيث قاموا بالترحيب بالفكرة وشجعوها وتبنّوها، ليكون أول برنامج اجتماعي يهتم بقضايا الأسر والشباب ويعالجها بصراحة وشفافية ويقتحم بعض المسائل التي كان الكثير يتردد في طرحها.

يتناول الشيخ عمّار منّاع في بداية كل حلقة موضوعاً هاماً للحديث عنه لمدة ربع ساعة تقريباً، ويكون موضوعاً مهماً من خلال حادثة أو موقف أو اقتراح أحد المشاهدين.

ثم يبدأ بتناول الأسئلة، وهي على قسمين: الأول أسئلة ترد من خلال الاتصال الهاتفي على أرقام البرنامج، والثاني أسئلة يختارها من بين الأسئلة التي ترده على موقع الآسك، ويحرص على اختيار الأسئلة الاجتماعية الأسرية والشبابية غالباً.

إن كان يجول ببالك سؤال، فلا تتردّد بسؤال فضيلته، وإن كنت ناجحاً لا تنزعج إن تمّ التهجم عليك، فنحن في مجتمع يأبى أن يشجع الطموح، ويحرص على تثبيطه، لا تشعر بالهزيمة، وتنحّى بعيداً عن اليأس فأنت محاط بذاتك، قم للعليا، وازرع الخير، وباقات الحبّ، ومزيداً من التفاؤل.

الرابط المختصر: