لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

عمليات التجميل تنتعش في غزة رغم تكاليفها العالية



نشاط ملحوظ تشهده مراكز عمليات التجميل في قطاع غزة إذ أصبحت تستقبل مئات الراغبين بإجراء عمليات تجميل تكميلية. ورغم أن تكاليف هذه العمليات تعد بسيطة إذا ما قورنت بتكاليفها بالخارج إلا أنها مرتفعة إذا ما قورنت بالوضع المعيشي في غزة.

سعادة غامرة تبديها السيدة منى بنتائج عملية تجميلة اجرتها لشد ترهلات البطن، إذ أصبحت تشعر بنفسها أكثر شبابا وحيوية.

رغم أن مبلغ الألف دولار الذي دفعته منى مقابل العملية، يبدو للوهلة الأولى مبلغا كبيرا قياسا بظروف قطاع غزة المتدهورة اقتصاديا، غير أن السيدة ترى ما حصلت عليه من رشاقة لجسدها يستحق ما دفعته، كما أنها كانت لتدفع أضعاف المبلغ لو أجرت العملية في الخارج.

منى، التي طلبت ذكر اسمها الأول فقط، وجدت نفسها مضطرة لإجراء العملية إثر ما ظهر لديها من ترهلات بفعل الحمل والولادة لعدة مرات. وهي لا تخفي أنها ترددت كثيرا في إجراء مثل هذه العملية بسبب عدم انتشار هذا النوع من العمليات في محيطها الاجتماعي لكنها حاليا سعيدة بنتيجتها وأكثر ثقة في حياتها الزوجية.

هذه السيدة واحدة من عشرات الحالات ممن لجأن إلى إجراء عمليات تجميل في مراكز متخصصة في قطاع غزة خلال الأشهر الأخيرة.

ولا تقتصر هذه العمليات على الجوانب التكميلية، إذ أن عشرات منها تشكل طوق نجاة لمستقبل أطفال خاصة لمن تعرض منهم لحروق شديدة.

ومن هؤلاء الطفلة ألين البحابصة التي لم تتجاوز عامين من عمرها وتستعد عائلتها لإخضاعها لعملية تجميل تشمل وجهها ومناطق الصدر والبطن والظهر لعلاج حروق من الدرجة الثانية تغطي50% من جسدها، نتجت عن انسكاب الماء المغلي على جسد الصغيرة.

تقول والدة الطفلة بحرقة: مستعدون لدفع كل ما نملك في سبيل تجميل ما تعرضت له ألين من حروق قد أن تشكل لها نقمة طوال حياتها.

رواج التجميل التكميلي

وعمليات التجميل من الأمور الشائعة بالنسبة للغزيين، لكنها ظلت منحصرة فقط في مجالات إصلاح التشوهات الناتجة عن الحروب وعمليات القصف الإسرائيلية مثل الحروق البالغة والكسور.

إلا أن عمليات التجميل التكميلية لتحسين المظهر العام باتت تشهد رواجا وإقبالا لافا لنظر مؤخرا مؤخرا في القطاع المحاصر.

إذ تسجل إحصائيات مركز (جراحة التجميل والليزر) في مدينة غزة إجرائه 15 عملية تجميل كبرى وأكثر من مائة عملية تجميل صغرى بمعدل شهري خلال العامين الأخيرين.

ويقول أخصائي جراحة التجميل ومدير المركز الطبيب جلاء التلمس لبوابة اقتصاد فلسطين إنه افتتح المركز قبل تسعة أعوام غير أن النشاط الحقيقي في عمله بدأ خلال العامين الأخيرين.

الطبيب جلاء التلمس أخصائي جراحة التجميل ومدير مركز تجميلي

ويعزو التلمس زيادة الطلب على عمليات التجميل في قطاع غزة إلى تراجع القيود الاجتماعية التي حدّت من استغلال التطور الطبي في هذا المجال بالماضي، إلى جانب توفر التقنيات الحديثة حاليا التي من خلالها يمكن إجراء هذه العمليات بسهولة ويسر ومن دون أي مضاعفات.

ويشير إلى أن المركز يقدم خدمات متنوعة مرتبطة بعمليات التجميل مثل تجميل الأنف وشفط الدهون من مناطق مختلفة من الجسم، وتكبير وتصغير الثدي، وحقن الدهون، والعمليات بتقنية الليزر لإزالة الشعر، وعلاج الوحم، والوشم والنمش.

وأكثر العمليات طلبا من مواطني قطاع غزة بحسب التلمس هي عمليات شفط الدهون، ويليها عمليات تجميل الأنف إلى جانب العمليات المرتبطة بجمال البشرة وإزالة الشعر الزائد.

"أما باقي عمليات التجميل الأخرى الأكثر انتشارا في العالم مثل المرتبطة بتجميل الثدي وتعبئة الشفاه والخدود فما تزال بحاجة لبعض الوقت لتقبلها من قبل سكان قطاع غزة" يقول التلمس بسبب ما وصفه بضعف التقبل الاجتماعي والتغلب على العادات والتقاليد المحافظة.

عادات وتكاليف

حتى الآن لا يوجد سوى ثلاثة مراكز متخصصة في إجراء عمليات تجميل على مستوى قطاع غزة وهو عدد قليل بالنظر إلى أن عدد سكان القطاع قارب على 2 مليون نسمة.

ويرى التمس أن زيادة عدد المراكز مرتبط بانتشار ثقافة تقبل عمليات التجميل "كثير ممن يجرون لدينا عمليات تجميل لا يصرحون بذلك للمحيطين بهم بسهولة رغم نجاح العمليات وتغير أشكالهم للأفضل وهذا أمر يحد من انتشار ثقافة عمليات التجميل".

أمر أخر يمكن أن يحد من انتشار عمليات التجميل مرتبط بتكلفتها المالية.

إذ نجد مثلا أن عملية شفط دهون تكلف من ثلاثة إلى خمسة ألاف شيكل إسرائيلي، وعملية تصليح الأنف تتراوح بين ألفين إلى ثلاثة ألاف شيكل، فيما جلسات الليزر للوجه تكلف مائة شيكل إسرائيلي.

ومثل هذه التكاليف تمثل عبئا كبيرا على مواطني قطاع غزة الذين يعانون من حصار إسرائيلي مشدد منذ منتصف عام 2007 أدى إلى ارتفاع قياسي للبطالة في صفوفهم تصل إلى 43% بحسب تقرير حديث للبنك الدولي.

ويدافع التلمس عن تكاليف إجراء عمليات التجميل في غزة، ويقول إنها "رخيصة جدا وغير مكلفة مقارنة مع أسعار العمليات التي تجرى في الخارج التي يتم الدفع عليها أضعاف ما يتم طلبه في القطاع".

عقبات التطوير

إلى جانب التكاليف الاقتصادية فإن الحصار وإغلاق المعابر يشكل مانعا أمام المزيد من تطوير وانتعاش عمليات التجميل في قطاع غزة.

ويوضح رئيس قسم التجميل والحروق في مجمع (الشفاء) الطبي في غزة الطبيب نافذ أبو شعبان لبوابة اقتصاد فلسطين أن الحصار وصعوبات السفر من غزة قيدت دراسة مجال عمليات التجميل في الخارج لمزيد من تطوير الكفاءات العاملة بالمجال.

الطبيب نافذ أبو شعبان رئيس قسم التجميل والحروق في مجمع (الشفاء) الطبي

ويشير أبو شعبان إلى أن "مجال جراحة التجميل واسع جدا ويحتاج إلى أعداد كبيرة من المتخصصين وهو ما يمنع الحصار حدوثه إلى جانب أنه يقيد دخول الأجهزة الإلكترونية الحديثة اللازمة في هذا المجال، رغم وجود أجهزة متطور في مراكز غزة خاصة أجهزة الليزر".

ويجرى أبو شعبان 10 إلى 15 عملية تجميل أسبوعيا في مجمع الشفاء الحكومي تتم أغلبها مجانا على التأمين الصحي لكن جميعها ذات علاقة بعمليات التجميل الأساسية، وهو يشير إلى أن الانفتاح على عالم الإنترنت والفضائيات يسرع حاليا من رواج عمليات التجميل التكميلية.

ويؤكد أبو شعبان أن طبيعة ظروف قطاع غزة وتعرضه لحروب متتالية زاد من خبرة الكادر الطبي فيه في التعامل مع حالات الحروق ومتطلبات العمليات التجميلية وهي خبرة لا تتوفر لدى الكثير من دول الجوار ويمكن أن تحقق مزايا اقتصادية كبيرة حال وجود انفتاح خارجي لهذه العمليات.

المصدر : بوابة اقتصاد فلسطين

الرابط المختصر: