لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

قريباً في فلسطين: 3000 ليلةً.. أول فيلمٍ يحكي قصة الأسيرات ببصماتِ المُخرجة مي المصري



تلفزيون الفجر الجديد – عبد الحفيظ جمال: 3000 ليلة، هو العنوان الذي اختارته المخرجة مي المصري ليحمل اسم أول فيلمٍ روائي طويلٍ لها، بعد فترةٍ من انقطاعها عن السينما، ويمزج الفيلم في مشاهده ولقطاته وأحداثه بين رسائل متعددة المضامين، رغم أنه يركّز على الفلسطيني الانسان وبالتحديد المرأة الفلسطينية داخل السجن الاسرائيلي.

تدور أحداث الفيلم ذو المئة والثلاث دقائق حول المعلمة الفلسطينية ليال التي يتم زجها في السجون الاسرائيلية بعد اتهامها بمساعدة شاب فلسطيني يقف ضد الاحتلال، وتتدرج في حلقات معاناتها بين القضبان، فتارةً تُدمج مع سجن خاص بالنساء الاسرائيليات كأسلوبٍ للضغط عليها ودفعها للاعتراف، ثم تُنقل من السجن الأول بعد ضغط مسؤولة السجن للتجسس على رفيقاتها فتكتشف أنها حامل، فيما بعد يُبصر مولودها يومه الأول في السجن، فتعود لها مشاعر الحياة، لكنها تُضطر الى الجنوح نحو صراعٍ داخلي نفسي، يتمثل بقرار الأسيرات الفلسطينيات خوض الاضراب إحتجاجاً على سوء أوضاع السجن، حيث يتم ابتزازها وتخييرها بين سحب حضانة طفلها أو تعليق اضرابها.

تقول المخرجة مي المصري أن سبب اختيار عنوان الفيلم يعود لعدد السنوات الثمانية التي تقضيها الفلسطينية ليال في السجن أي ما يعادل 3000 ليلة، مشيرةً أن الفيلم يوثق تاريخاً فلسطينياً ومرحلةً عاشتها مئات الأسيرات الفلسطينيات في السجون الاسرائيلية.

وتضيف المصري:" الفيلم الروائي بالنسبة لي يأتي استمراراً للوثائقي، وفكرة فيلم 3000 ليلة تبلورت في ذهني عندما كُنت أصوّر خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى بمدينة نابلس، حيث صادفت في الميدان إمرأة فلسطينية وضعت مولودها في السجن، وتأثرت بها كثيراً عندما روت لي حكايتها، وأصررت على أن يخرج للنور فيلم يحكي قصتها".

"موضوع السجن والأسر لم يغب عن بالي، وهو حاضر في أفلامي الوثائقية، واخترت الوسيط لسرد الروائي لسرد الأحداث في فيلم 3000 ليلة، لأن الأحداث تدور في سنوات الثمانينات والشخصيات شاخت عمراً، ومن الصعب انجاز فيلم وثائقي معها، أيضاً دفعني التحدي حيث كنت متحمّسة لانجاز فيلم روائي ووجدت ضالتي بفكرة فيلم 3000 ليلة"، وفق المصري.

أما على صعيد دوافع المصري لانتقاء قصة الفلسطينية ليال بالتحديد لهذا الفيلم، فتوضح أم حكاية المرأة تحوي عناصر جذبتها، خاصة الجزء المتعلق بالولادة في السجن وسط ظروف العزل والتقييد، وتواصل المصري:" شدّتني فكرة الأمومة التي أصبحت جماعية، فالنساء جميعهن أمهات في ظل الحرمان من الأمومة، واستهوتني فكرة خروج طفلٍ لعالمٍ يفتقر للطفولة، عالم يضم كل تلك الألوان والخيالات على الجدار".

وعلى صعيد فكرة الصراع تشير المصري إلى أن فكرة الصراع في مكان واحد كانت رمزية جداً، وتبدي استغرابها الشديد من عدم تناول السينما الروائية لأي فيلمٍ حول تجربة أسر الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية وخاصة النساء، لافتة أن السجن أبرز اختصارٍ للانسان الفلسطيني وحاله نفسياً وجسدياً.

يُذكر أن الفيلم قد طاف مهرجاناتٍ عالمية كثيرة في عدة عواصم ومدن مثل تورونتو، لندن، بوسان، تالين، ستوكهولم ودبي، وتجدر الإشارة إلى أن مواعيد عرضه في فلسطين ستكون قريباً، حيث يُعرض في سينمانا بالناصرة بين 11 و13 من الشهر الحالي، وفي بابوس بالقدس بين 18 و20، بينما يُعرض في سينما جنين بين 21 و23 من الشهر الحالي أيضاً، وفي رام الله يُعرض بسينما برج فلسطين ما بين 3و4 من شهر مارس القادم، وفي الختام يُعرض في مهرجان الافلام المستقلة المقرر تنظيمه في حيفا بين 14 و18 من شهر مارس القادم.

وتكشف المصري أنها أرادت فيلماً حقيقياً لذلك التقطت المشاهد المصورة في سجنٍ حقيقي، واختارت ممثلين قسمٌ منهم مرّوا بتجربة السجن في حياتهم، وآخرون يمثلّون أول مرة بذلك ليسوا بعيدين عن تجربة السجن، مضيفةً:" تصوير فيلم 3000 ليلة في ديكورٍ مغلق أفرز صعوبة نفسية لي وللممثلين، لكنه جعل التمثيل يتغذى من الضغط النفسي، فحصلنا على إحساس حقيقي جيد، وتم التحضير للفيلم مدة شهرين، وفي غضون 34 يوماً انتهينا من تصويره".

ورفضت المخرجة مي المصري الاستعانة بممثلاتٍ اسرائيليات لتقمص شخصيات السجينات والسجّانات، مضيفةً:"أردت اثبات أن الممثلات الأردنيات والفلسطينيات لديهن طاقة عالية، وقادرات على تقديم أداء رائع ومقنع، فهن يتمتعن باجادة اللغة العبرية ويعرفن كيف يُعامل الاحتلال السجناء، بحكم أن الفلسطينيات تحت الاحتلال"، وتوضح المصري أن موقفها كذلك يرفض التعامل مع الاسرائيين، مشيرةً إلى وجود المقاطعة الثقافية التي أثبتت نجاحها في افريقيا الجنوبية، وتشيد المصري في هذا الصدد بحملة المقاطعة للاحتلال "B.D.S" التي يقف في صفوفها فنانون كبار لافتةً أن الحملة حققت صدى قوياً في شتى أنحاء العالم، وتتيح للفلسطينيين وأحرار العالم أن يكونوا فاعلين فيها.

يُذكر أن عدداً كبيراً من المتخصصين في السينما والكتّاب والصحفيين أبدوا اعجابهم بفيلم 3000 ليلة للمخرجة الفلسطينية مي المصري، مؤكدّين أنه يوثق تجربة اعتقال الفلسطينيات خلال سنوات الثمانينات، وهو أقرب لواقع السجن من ناحية المكان ودقة اللقطات والمشاهد، ويلخص قصة الظلم والقهر بحق الانسان الفلسطيني.

ويقول الصحفي سعيد أبو معلا في تعقيبه عبر جريدة الأيام عن فيلم المخرجة مي المصري:" بلا شك مشاهد الفيلم داخل السجن تشير إلى قدرة عالية لدى المخرجة في انتقاء المكان وإدارة مكان التصوير ومن ثم إدارة الممثلين، فالجمهور أحس فعلا أنه امام سجن إسرائيلي بكل ما يحفل من صعوبات وعذابات وتفاصيل"، ويتابع أبو معلا:"الواقعية العالية لم تلغ الدراما ولم تؤثر على الخط الدرامي للفيلم أبدا، بل كانت عاملا في خلق دراما حقيقية من نسيجه ونفس بنائه، حيث الصراع على أشده بين السجين والسجان وبين السجين والسجين، وبين السجين والحياة التي تقضم منه، كما أن المخرجة أظهرت وعيا كاملا لما يجري بالسجن، فضم مجموعة كبيرة من المفردات والقصص التي نقلت عالماً مغلقاً إلا لمن عاش التجربة، وهو عالم قالت عنه المخرجة أنه "مخفف أيضا"، حيث على المشاهد مهما اختلف جنسه أن يعي ويدرك أن الواقع أكثر قسوة وألما وبشاعة وبطولة أيضا".

ويصف أبو معلا الفيلم بأنه نُسِج "بلغة سينمائية فذة"، مؤكداً أنه امتاز بمجموعةٍ من الأمور جعلت منه قصيدة سينمائية كاملة، أبرزها وجود تركيزٍ كبيرٍ على ثنائية الضوء والعتمة، لدرجة أنها كانت بمثابة مثير رمزي يحفز المشاهد على إدراك هذه الثنائية وخدمة الأغراض الدرامية، ويوضح أبو معلا:"ثنائية الضوء والعتمة لم تكن بالأمر السهل، وهذا يعكس الوعي في الاشتغال على هذه الثنائية التي خدمت تماما أغراضه الدرامية وكثفت الصراع، ونقلت المعاني وأضدادها 'ضوء النوافذ، الممرات، الفتحات الصغيرة..الخ'، بلا شك خدم هذه الثنائية وعززها قدرة كبيرة لدى المخرجة جعلت من فيلمها الملون يبدو للمشاهد وكأنه أبيض وأسود، أو أبيض وأزرق: كحلي (لباس السجن)، وهو خيار فني ذكي اتقنته بدرجة عالية جداً".

الرابط المختصر: